عام 2018 هو موعد انطلاق القطار الخليجي، ومن المقرر أن يبدأ مسار الخط الحديدي الخليجي من دولة الكويت، مروراً بمدينة الدمام إلى مملكة البحرين عن طريق الجسر المقترح إنشاؤه في محازاة جسر الملك فهد، ومن مدينة الدمام إلى دولة قطر عن طريق منفذ سلوى. وكذلك سيربط القطار دولة قطر مع مملكة البحرين عبر جسر قطر - البحرين المزمع إنشاؤه بينهما، ومن المملكة مروراً بمنفذ البطحاء إلى دولة الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي - العين)، ومن ثم إلى سلطنة عمان عبر صحار إلى مسقط.
يبلغ مجموع أطوال هذه الخطوط ما يزيد عن ألفي كيلومتر، فيما يبلغ طول الخط داخل أراضي المملكة العربية السعودية 663 كيلومتراً، وداخل الأراضي الإماراتية 684 كيلومتراً، وداخل الأراضي الكويتية 145 كيلومتراً، والأراضي العمانية 306 كيلومترات، والأراضي البحرينية 36 كيلومتراً، والأراضي القطرية 283 كيلومتراً.
ويساهم مشروع سكّة الحديد الخليجية المشتركة في رفع معدّل التجارة البينيّة بين دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى الدور المهمّ الذي سيمثلّه القطار الخليجي اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً. كما ويساهم القطار الخليجي المشترك في تخفيف الضغط الكبير الذي يعاني منه جسر الملك فهد الرابط بين المملكة والبحرين والقضاء على العديد من المشاكل كتكدّس الشاحنات والاختناقات المرورية.
كما سيساعد اكتمال الربط الحديدي بين دول المجلس في تدفق السلع والبضائع ونقل المسافرين بين دول المجلس مما ينعكس إيجاباً على اقتصاديات الدول الخليجية، إضافة إلى تحقيقه البعد الاستراتيجي للمنطقة ككل، وأبعاد أخرى اجتماعيّة وأمنيّة وسياحيّة، وأنّها نواة للإنطلاق نحو الأسواق الخارجيّة.
وبحسب تقرير اقتصادي صدر حديثاً فإن "تيسير النقل والمواصلات داخل دول مجلس التعاون الخليجي وفيما بينها، من شأنه أن يساعد في تقوية التجارة الداخلية والاستثمار اللازمين لتحقيق نمو مستدام فيها على الأمد البعيد". وجاء في تقرير الرؤية الاقتصادية ربع السنوي، الصادر عن «معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز ICAEW"، أن تطوير شبكات النقل القائمة في دول منطقة الشرق الأوسط «أمر حيوي يُتيح الوصول إلى هدف التنويع الاقتصادي»، كما يمكن أن يُساعد في تهدئة الاحتقان الناجم عن القلاقل السياسية الحاصلة في عدد من دول المنطقة. ووفقاً للتقرير المعنون «رؤىً اقتصادية: الشرق الأوسط – الربع الثالث 2014»، والذي أعدّه «مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال»، المعروف اختصاراً بالاسم «سيبْر» لصالح «معهد المحاسبين القانونيين ICAEW»، فإنه من المنتظر أن يتمّ توجيه عوائد النفط الإضافية غير المتوقعة نحو مشروعات البنية الأساسية الكبيرة في دول الخليج، في وقت أدّت فيه المخاوف الأمنية الراهنة في العراق إلى إيقاع السوق تحت ضغوط متزايدة صعّدت من أسعار النفط.
وتقود دول مجلس التعاون الخليجي الطفرة الاستثمارية التي يشهدها في الوقت الراهن قطاعا الطيران والسكك الحديدية في المنطقة، نظراً لتحفيز هذين القطاعين للتبادل التجاري بين تلك البلدان، وإسهامه في حلّ مشاكل الاختناقات المرورية التي تواجه النمو السكاني الكبير وأسواق السياحة المنتعشة.
وتضخّ بلدان المنطقة استثمارات ضخمة تحويلية في قطاع السكك الحديدية في محاولة لتعزيز قدراتها على نقل البضائع والركاب. وتقود كلٌ من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة هذه الاستثماراتِ بخطط استثمارية قدرها 45 مليار دولار و37 مليار دولار و22 مليار دولار على التوالي. ويمثل المشروع المخطط لسكة الحديد الخليجية، البالغ طولها 2.177 كم، والتي ستربط السكك الحديدية الداخلية في دول الخليج الستّ، أكثر الجوانب طموحاً في خطط البنية الأساسية الخاصة بالسكك الحديدية بالمنطقة. كما باتت توسعة المطارات في جميع المدن الخليجية الرئيسية أولوية أيضاً، في ضوء تأهّب منطقة الشرق الأوسط لتصبح واحدة من أهمّ مراكز الطيران في العالم.
ومن المتوقع أن يلعب قطاعا النقل والإمدادات اللوجستية دوراً حيوياً متزايداً في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بفضل العدد الهائل من المشروعات التي يجري تطويرها فيها، مع بدء هذين القطاعين في إدرار قيمة ملحوظة من تلك المشروعات، على هيئة سلاسل إمداد كفؤة لنقل البضائع والعاملين عبر الحدود، ودعمٍ لأنشطة قطاعات السياحة والسفر. ومن المرجّح أن تحصد الكويت والسعودية ودولة الإمارات وسلطنة عمان أكبر المكاسب، مع توقعات بأن تبلغ إسهامات قطاع الإمدادات اللوجستية في اقتصادات تلك البلدان 13.6 في المئة في الكويت، و12.1 في المئة في السعودية، و 11.7 في المئة في كل من دولة الإمارات وسلطنة عمان بحلول عام 2018.
ورجّح مايكل آرمسترونج، مدير الإدارة الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا لدى "معهد المحاسبين القانونيين ICAEW" وعضو «هيئة مراقبة السلوكيات المالية البريطانية»، أن يكون للتنافس على المواد والخبرات أهمية كبيرة عند اكتمال بعض مشروعات البنية الأساسية للنقل والإمدادات اللوجستية التي تستثمر بها دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف: «سوف تتحقق المنافع الاقتصادية الحقيقية لمشروعات البنية الأساسية هذه عبر القدرة التنافسية لقطاعات التوزيع، التي ينبغي أن ترتكز على الممارسات المالية السليمة».
ولا يُعدّ الافتقار إلى البنية الأساسية العامل الوحيد المؤثر بالتجارة البينية الإقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي، إذ أعاق الاعتماد الكبير على النفط والغاز أيضاً الروابط التجارية البينية الإقليمية لدول المجلس مع بلدان المنطقة، فلطالما ظلّ شركاء التصدير الرئيسيون لدول الخليج على مرّ التاريخ محصورين في تلك الدول التي ليست لديها احتياطيات نفطية ذاتية بالمنطقة. على أنّ سوق البحرين لا تزال استثناء، فقد بلغت صادرات البحرين من السلع إلى دول الشرق الأوسط 33.4 في المئة من إجمالي صادراتها السلعية خلال 2013. أما المملكة العربية السعودية والكويت وقطر فهي صاحبة أدنى نسب صادرات سلعية إلى دول المنطقة، إذ تبلغ 5 في المئة لكل من السعودية والكويت و1 في المئة لقطر.
وفي حين يأتي التكامل التجاري السلعي البيني لدول مجلس التعاون الخليجي في المؤخرة قياساً بمناطق العالم الأخرى، فإن من شأن وضع سياسات خاصة بالتجارة الحرة وتشييد بنية أساسية متطورة للنقل، المساعدة في توطيد الأواصر التجارية البينية. وتُعتبر دولة الإمارات حالياً السوق التجارية الأكثر انفتاحاً بين دول مجلس التعاون الخليجي، ويبلغ تصنيفها على مؤشر حرية التجارة 82.5 في المئة، في حين يقع تصنيف البلدان الخليجية الخمس الأخرى على المؤشر بين 70 و80 في المئة. من جانبه، قال تشارلز ديڤز، مدير الإدارة في «سيبْر»: إن الانفتاح التجاري والبنية الأساسية البينية الإقليمية لا يكفلان، وحدهما، إحداث زيادة ملحوظة في حصص التجارة البينية للسلع بين دول مجلس التعاون الخليجي وبلدان المنطقة، رغم أنهما يتيحان الوسائل اللازمة لتحقيق تكامل أفضل. وأكّد ديڤز أن التقدّم في تنويع اقتصادات المنطقة بعيداً عن النفط سيكون المحرك الأكثر كفاءة لإحداث التكامل المنشود. وأضاف: «هذه مسألة مهمة في ضوء التحرّكات الجارية لإصلاح الدعم في الشرق الأوسط، والمسار الهابط المتوقع لأسعار النفط في المدى المتوسط».
ومن أبرز النقاط الأخرى الواردة في التقرير:
نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية ذ بنسبة 4.3 في المئة عام 2014، ويرتفع إلى 4.4 في المئة عام 2015، بفضل تواصل الاستثمار والتوسع في الإنفاق على مشروعات البنية الأساسية.
أرتفاع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنحو 4.7 في المئة، في حين أن وتيرة النمو مهيّأة لتباطؤ هامشي طفيف في العامين 2015 و2016. ويعود ذلك إلى دفع الأنشطة الاقتصادية غير النفطية لعجلة إيجاد فرص العمل والنمو.
ان نسبة الاستثمار العالية في دولة قطر تساعد دعم النمو على المدى المتوسط، في حين يُتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي الفعلي أعلى بنسبة 6.3 في المئة في عام 2014، وأن يرتفع معدل النمو السنوي متجاوزاً 7 في المئة خلال العامين 2015 و2016. ومع ذلك، فإن ثَمَّة خطراً محتملاً يتهدد ارتفاع النمو في قطر، إذا ما أعاد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) النظر بمنح قطر حق استضافة بطولة كأس العالم 2022.
أرتفاع الناتج المحلي الإجمالي في سلطنة عمان بنسبة 3.4 في المئة هذا العام مع بقائه ثابتاً بصورة عامة سنة 2015.
من المنتظر أن تدعم مشروعات البنية الأساسية والاستهلاك الحكومية في مملكة البحرين نمواً متوقعاً بنسبة 3.8 في المئة في عام 2014، مع مستويات مماثلة من النمو في العامين المقبلين.
تعزيز القطاعات غير النفطية في دولة الكويت يقود إلى نمو سنوي في الناتج المحلي الإجمالي قدره 2.7 في المئة في 2014. وسيساعد النمو الاستهلاكي وقائمة من مشروعات البنية الأساسية في تسارع الاقتصاد خلال السنوات المقبلة، لتصل نسبة النمو السنوي إلى 4 في المئة في 2016.