مع تطور المعارك العسكرية والأسلحة، ومع الإعتماد الكبير على سلاح الجو في الحربين العالمية الأولى والثانية، كان لابد من الإنتقال من المفهوم التقليدي للطائرات وتطويره لإستخدامه في النزاعات غير المسلحة. فكانت بريطانيا السباقة في هذا المجال منذ عام 1924، وبدأت عملها على الطائرات الموجهة حتى استطاعت الإنتهاء من تطوير أول طائرة موجهة عرفت بإسم "Queen Bee" وتبعها إنتاج "Fire Bee-1" عام 1952.
ومع بداية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد السوفياتي، جاء إسقاط طائرة الإستطلاع الأميركية “U2 Dragon lady” عام 1960 فوق الأراضي السوفياتية وأسر الطيار “باورز” العامل الأساسي لبداية مشروع تطوير طائرات من دون طيار. ولم يهتم العالم بهذه الطائرات حتى عام 1982 تاريخ معركة البقاع الجوية "الصرار 19" حسب التسمية الإسرائيلية بين القوات السورية والإسرائيلية التي نجحت في تحييد وتدمير بطاريات الدفاع الجوي السوري عبر إستخدام هذه الطائرات.
وعرفت الطائرات الموجهة من دون طيار بإسم “RPV'S - Remotely Piloted Vehicles” أو ما يطلق عليه اسم "Drones"، وهناك تسميتين يصر البعض على استعمالهما؛ لأغراض الدقة في التسمية:
الأولى: "UAVS - Unmanned Air Vehicles
والثاني: “UARVS - Unmanned Air Reconnaissance Vehicles”
ويقصد بهاتين التسميتين الطائرات أو المركبات التي لا تحتاج لطيار، إنّما تُطلق إلى الجو بالطريقة الاعتيادية، وتقلع باستعمال العجلات من مدرج، أو أرض صالحة لذلك، أو بوساطة قواذف على الأرض، أو من فوق أسطح السفن، أو من طائرة أخرى. كما يتحكم في خط مسارها، وفي السيطرة على الأنظمة الفنية فيها، لاسلكياً، من بعد؛ لتطير إلى منطقة عملها؛ لأداء مهمتها والعودة إلى قاعدتها؛ ليُعاد استعمالها مرة أخرى.
مع التطور التكنولوجي في القرن العشرين، بدأت الدول بالشروع نحو تطوير وتصنيع هذه الطائرات للتقليل من التكلفة العالية للمنصات المأهولة والتي يمكن أن تكلف أرواحًا إذا ما حصل أخطاء أثناء المهمات إن كانت إستطلاعية أو قتالية. من هنا كانت للدول الصناعية كروسيا، تركيا، إسرائيل، الولايات المتحدة الأمريكية اليد العليا في تطبيق هذه التكنولوجيا.
• طائرة الإستطلاع المقاتلة MQ-9 Reaper
بدأ العمل على هذه الطائرة عام 2001 من قبل شركة "جنرال أتوميكGeneral Atomic " وقدمت للخدمة عام 2007. تعمل في الخدمة مع القوات الجوية الأمريكية وحرس الحدود ناسا والقوات الجوية الملكية البريطانية والقوات الجوية الإيطالية والفرنسية والإسبانية. يبلغ طول الطائرة 11.7متر وباع جانح 24متر بالإضافة إلى سرعة تصل حتى 380 كلم/الساعة مع إمكانية الوصول إلى إرتفاعات قصوى تصل إلى 50.000 قدم.
يمكن للطائرة أن تحمل حمولة قصوى تبلغ 1746kg. بالإضافة للعمليات القتالية، تتولى الطائرة مهمات إستطلاع فهي مزودة بأنظمة EO/IR، ورادار Lynx متعدد الأوضاع ، ورادار المراقبة البحرية متعدد الأوضاع، وتدابير الدعم الإلكترونية ESM. يمكن أن تسلح بمختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك صواريخ GM-114 Hellfire وقنابل GBU-12 Paveway II ومجموعة GBU-JDAM.
• الطائرة الصينية CH-5
تم تصميم وتطوير الطائرة CH-5، المعروفة أيضًا بإسم Rainbow UAV، من قبل شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية "CASC". تم تقديم الطائرة بدون طيار لأول مرة في أواخر عام 2016 وهي تشبه الطائرة الأمريكية MQ-9 Reaper بدون طيار. صممت الطائرة لتنفيذ المهام القتالية، والاستطلاع، والمراقبة، والدوريات، وتحديد المواقع المستهدفة. تعمل الطائرة بمحرك واحد بقوة 330 حصانًا، ويمكن أن تصل إلى سرعة 220كلم/الساعة وتوفر أقصى قدرة على التحمل تصل إلى 60 ساعة من الطيران. يمكن تزويد الطائرة بصواريخ يصل عددها إلى 16 صاروخ من طرازات متعددة كصواريخ AR-2 SAL الموجهة المضادة للدروع وصواريخ AR-1 SAL.
• الطائرة التركية Bayraktar TB2
قررت تركيا الدخول إلى نادي الدول المصنعة للطائرات بدون طيار بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا وإيران وباكستان. بدأ العمل عليها عام 2007 ودخلت الخدمة الفعلية عام 2014. تصنف Bayraktar TB2 ضمن الطائرات العسكرية التكتيكية "مراقبة وهجوم" إذ يمكنها التحليق على إرتفاع يصل حتى 27.000 قدم وحمل معدات بوزن 150كلغ، والطيران حتى 25 ساعة متواصلة.
كما تتمتع بإمكانية إجراء مهام الإستكشاف والتدمير الآني للأهداف خلال الليل والنهار. إذ تعمل على تزويد مراكز العمليات للقوات بمعلومات آنية ترصدها خلال مهمتها بالأجواء، فضلا عن كونها قادرة على استهداف التهديدات المحددة بذخائر وصواريخ ذكية محلية الصنع من نوع "MAM-L". لعبت دورًا كبيرًا في المعارك التي جرت في إدلب - سوريا، وطرابلس الغرب – ليبيا، وأخيرًا في كارابخ – أذربيجان حيث تمكنت من تحويل مسار العمليات لصالحها.
• الطائرة الإسرائيلية IAI Heron TP
المعروفة أيضًا باسم IAI Eitan، هي طائرة بدون طيار تلقائية الإقلاع والهبوط تم تصميمها وتطويرها بواسطة "شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية. مزودة بأحدث الأنظمة الإلكترونية المصنعة في الكيان والتي تشمل الرادار ذي الفتحة الاصطناعية "SAR"، والنظام العالمي للاتصالات المتنقلة "GSM"، وأجهزة استشعار استخبارات الاتصالات، أنظمة الحرب الإلكترونية ومستشعرات التهديف والحمولات القتالية مثل القنابل الموجهة صواريخ الجو-أرض. تعمل الطائرة بمحرك واحد من طراز Pratt and Whitney PT-6A بقوة 1200 حصان، بطول 14متر وباع جانح يبلغ 26 متر مع قدرة بقاء في الجو حتى 30 ساعة أثناء تأدية مهامها مع الطيران بسرعة قصوى تقدر بـ 400 كلم/الساعة وبإرتفاع أقصى يصل إلى 46.000 قدم. تعتبر الهند واليونان من الدول التي طالبت بشراء هذه الطائرة بالإضافة للقوات الملكية البريطانية والألمانية.
•الطائرة الأميركية Predator C Avenger:
إنها طائرة موجهة أجرت أول رحلة لها عام 2009 قادرة على حمل أجهزة استشعار متعددة متصلة بتركيبات أجنحتها الصلبة، بينما يمكن أن تحمل في حواضنها الداخلية طفرات دقيقة وأجهزة استشعار كبيرة تصل إلى 1588 كلغ. تبلغ سعة الحمولة الإجمالية للطائرة 2948 كلغ وتشمل حمولة أسلحتها صواريخ هيلفاير، قنابل موجهة "GBU-12/49" وذخائر هجوم مباشر مشترك "JDMA" و"GBU-39" و"GBU-16/48" قنابل.
توفر طائرة Predator C Avenger سرعات تشغيلية وعبور أكبر من طائرات أُخرى مدعومة بمحرك برات وويتني PW545B المروحي، الطائرة بدون طيار قادرة على الوصول إلى ارتفاعات تصل إلى 50000 قدم وتبلغ سرعتها القصوى 400 كلم/الساعة قدرة بقاء في الجو حتى 20 ساعة.
كل هذه الطائرات تعتبر من الجيل المتطور ولكن ما هو قادم هو الجيل السادس من الطائرات التي ستكون بدون طيار وتعتمد على التقنية الشبحية التي أصبحت حلم كل دولة تسعى الوصول اليها.