للحرب الإلكترونية العديد من التعريفات العلمية، إلّا أنها بالدرجة الأولى تتوقف على طبيعة الإستخدام القتالي ومفهومه؛ فالمطلوب تحقيقه في العمليات الحربية الحديثة، هي مجموعة إجراءات إلكترونية متضمنة استخدام بعض النظم والوسائل الإلكترونية في استطلاع الإشعاع الكهرومغناطيسي "Electro-Magnetic" الصادر من نظم العدو ووسائله ومعدّاته الإلكترونية المختلفة كأنظمة الرادارات العسكرية، محطات الإتصال اللاسلكي و"الميكرووايف Microwave" ونظم الكشف والتوجيه الكهروبصرية، تلفزيونية، حرارية، وليزرية، بالإضافة إلى استخدام المتعمد للطاقة الكهرومغناطيسية في التأثير على هذه النظم والوسائل لمنع أو إخلال عمل هذه النظم والوسائل من استخدامها، فضلاً عن تحقيق استقرار عمل النظم الإلكترونية الصديقة تحت ظروف استخدام العدو أعمال الاستطلاع، والإعاقة الإلكترونية.
برنامج "الاستهداف التعاوني الشبكيNetwork Centric Collaborative Targeting- NCCT"،هو أحد البرامج الرائدة في هذه الحرب، حيث يجمع المعلومات المحصلة من كافة وسائط الرصد والاستخبار للتنسيق والتحليل واعادة التوجيه لتحقيق رصد دقيق وتعّرف على الأهداف بسرعة تفوق 90% من الطرق التقليدية. ويتم التنسيق والربط بين هذه الوسائط أوتوماتيكياً دون أي تدخل بشري عبر بروتوكولات "Internet Protocols" وطرق تواصل آلية "Machine to Machine" لضمان السرعة والديناميكية فى اتخاذ القرار. كما تتنوع أشكال الوسائط التي يمكن للـ NCCT التنسيق والربط بينها، منها نظام الإستخبار والدعم الاكتروني-SIGINT، نظام رسم خرائط بالرادار- Imaging radar، تتبع الحركة عبر تقنية GMTI "مؤشر الهدف المتحركGround Moving Target Indicator " الى نظام الكشف الكهروبصريElectro-optical Systems .
طريقة عمل النظام
اذا اتخذنا مَثلاً منطقة عمليات مليئة بطائرات (طائرات حرب إلكترونية، إنذار مبكر وسيطرة، دعم قريب، مراقبة وتجسس)، فعند قيام وسائط الرصد الإلكتروني بالتقاط إشارة إتصال، تتحول أوتوماتيكياً إلى نظام NCCT الذي يعمل كعقل مركزي لكافة الوسائط ويحولها إلى النظم الباقية لتعمل عبر أجهزتها لتأكيد الهدف وتحديده وتصنيفه بدقة أكبر. ثم تقوم الوسائط التى تحمل الرادارات برسم الخرائط للمكان الذي رصد فيه الاتصال، ويتابع عبر الذي يتابع مسار الهدف المرصود وتحولها الى وسائط الرصد الكهروبصري " Electro-optical" القريبة من الهدف. يمّكن الرصد عبر استخدام عدة منظومات من تحديد الهدف وتصنيفه وتحديد موقعه بدقة عالية، فلا يتطلب الأمر أي تدخل بشري لتحليل الرصد الأولى، ينتقل تلقائياً وبشكل سريع لوضع صورة دقيقة ومفصلة لمنطقة العمليات فى الوقت الحقيقي Real Time .
الطائرة الأميركية ""Boeing RC-135 ،مثلاً، تحمل هذا البرنامج وتعمل في الارتفاعات العالية لرصد منطقة العمليات بشكل أكبر والتنسيق بين المنصّات والوسائط المختلفة. الطائرة الموازية لها التى تملكها اسرائيل هي طائرة "G500 Nahshon-Shavit" للحرب الألكترونية.
أنتجت الولايات المتحدة نظام للهجوم على أنظمة الدفاع الجوي المعادية بطريقة الهجوم السيبراني "Cyber Attack" هو برنامج "Senior Suter". يتيح البرنامج تعطيل أنظمة الاتصالات وشبكات الكومبيوتر المتصلة بنظم الدفاع الجوي مع عدم تنبيه المشغلين بوجود أي مشكلة ويعمل بشكل صامت وكامن داخل المنصات المصابة.
كيفية عمله
يبدأ الهجوم بعد تحديد الأهداف من NCCT حيث يقوم Suter بتحديد دقيق للهدف عبر موجاته الكهرومغناطيسية. بعد تحديد إحداثيات هوائيات الأنظمة، يبدأ العمل القاتل للنظام بحيث يرسل نبضات إلكترومغناطيسية مركزة ومفصلة إلى الهوائيات لتعطيل أو قرصنة أنظمة معالجة الإشارة والحواسيب فتقوم بإعماء المشغل عن الصورة الحقيقية لسماء منطقة العمليات، بحيث يرسم صورة عادية لمجال الرصد لا تظهر بها أي أهداف. أمّا المنصة الرئيسية المستخدمة لإتمام مهمة المراقبة بعد هجوم Suter هي نفسها المستخدمة لنظام NCCT، طائرة Boeing RC-135.
أما مهمة الهجوم وحقن النظام بالشحنة القاتلة فتوكل هذه المهمة إلى الطائرة Lockheed EC-130H Compass Call المصممة لتطير على إرتفاعات أقل من Boeing RC-135 لتناسب مهمتها فى توجيه الإشعاعات الكهرومغناطيسية بدقة أكبر، فتقوم الطائرة بإغراق مساحة صغيرة بشعاع كهرمغناطيسي مركز لإصابة الهدف عالية.
كما قامت إسرائيل ببناء منصتين خاصتين بها لمحاكاة الثنائي "RC135 وEC-130" وهما الطائرتين المعدلتين ""Nahshon-Shavit و" "Nahshon-Eitamحيث زودت بنظام خاص بها مشتق من نظام تقوم ""Nahshon-Shavit بمراقبة الموقف الميداني إلكترونياً قبل الهجوم لتحديد الأهداف بدقة عبر كافة الوسائط المتاحة ثم تقوم بنقل إحداثيات الأهداف إلى "Nahshon-Eitam" التي تقوم بتوجيه الشحنة البرمجية الخبيثة إلى المنطقة المستهدفة بدقة وبعد الإصابة تقوم الأولى بمراقبة ما يحدث على النظام المستهدف والتحكم فيه إن لزم الأمر.